socialism.org.il
الضفة الغربية
الجدار لازم ينهار!
شارك أعضاء اللجنة لأممية العمال في احتجاج ضد 'الجدار الفاصل' في الضفة الغربية
حركة النضال الاشتراكي
2010/03/02 16:48

تظاهر ألف شخص يوم الجمعة في 19 شباط، في قرية بلعين الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، بمناسبة 5 سنوات من الكفاح المتواصل والمظاهرات الأسبوعية من قبل القرية ضد الجدار الفاصل الاسرائيلي، الذي يلحق بـ50٪ من أراضيهم (حوالي كيلومترين مربع) لصالح المستوطنات الارثوذكسية المتطرفة والكبيرة المجاور، مودي `في` — عيليت.

تمكن المتظاهرون من اسقاط جزئين من السور وحتى رفعوا العلم الفلسطيني على أعلى منصب عسكري وراءه. ورد الجيش بأقل عنف بكثير من المعتاد، نظرا لزيادة اهتمام وسائل الاعلام هذا الاسبوع، و"اكتفوا" باطلاق قنابل مسيلة للدموع على مجموعة من مئات الأمتار (وضربوا بما في ذلك أطفالا صغارا)، بالإضافة إلى الرصاص من العيارات المعدنية المغطاة بالمطاط، ونشر السائل لدى رائحة "السنجاب" (اختراع خاص بالشرطة الاسرائيلية يلتصق على الملابس والجلد لعدة أيام.

وقال متحدث عسكري أن الأضرار التي لحقت بالسور تقدر بمئات الآلاف من الشواق. وللأسف، فمن المرجح ان الحكومة الاسرائيلية سوف تضخ المزيد من أموال دافعي الضرائب للحفاظ على الجدار.

حركة النضال الاشتراكي — اللجنة لاممية العمال في اسرائيل / فلسطين — شاركت في السنوات الماضية في احتجاجات، حيثما ممكن، في مظاهرات ضد الجدار في بلعين، وكذلك في مناطق أخرى في الضفة الغربية والقدس الشرقية وداخل إسرائيل. في المظاهرة الأخيرة، قمنا بتنظيم كتلة داخل المسيرة نحو الجدار، ورفعنا لافتات كتبنا عليها شعارات باللغتين العربية والعبرية "التضامن سوف يهزم الاحتلال والاضطهاد والفقر" و "لإزالة الجدار ونقاط التفتيش والمستوطنات ؛ لإنهاء الاحتلال".

ورددنا أيضا هتافات بالعربية والعبرية والانجليزية، بما في ذلك: "لا جدار سوف يساعد — الاحتلال هو الارهاب"، "نتنياهو وباراك — لن نتوقف عن النضال"، و"هذا ليس جدارا أمنيا — هذا هو سرقة مرخصة للأراضي"،" في بلعين وفي شيخ جرخ (حي في شرق مدينة القدس) — سنقوم بالنضال ولن نهرب"، و"ان حكومة النخب تدوس على الأسر — في بلعين وفي "سديروت"، و"استثمروا في فرص عمل وليس في الاحتلال والاستيطان" و"أيها الجنود، ماذا تحراسون؟ مناطق عقارية للمستوطنين"، الخ.

وتلقينا ردودا حارة من المتظاهرين الآخرين، واستقطبنا بعض المتظاهرين الفلسطينيين والإسرائيليين الذين ساروا معنا. ومثال على ذلك محتج فلسطيني رفع فجأة احد من أعضائنا في الهواء لمدة 15 دقيقة ليردد الهتافات.

رمز دولي للنضال

أصبحت بلعين رمزا عالميا للنضال الأوسع شعبية ضد الجدار، فهي لا تجمع فقط نشطاء دوليين للحصول على الدعم والتضامن، ولكن أيضا عددا هائلا من الناس اليهود الإسرائيليين الذين شاركوا في المظاهرات الأسبوعية. ويحدث هذا على الرغم من المحاولات المضادة للديمقراطية العادية من قبل الشرطة الاسرائيلية لمنع المتظاهرين الاسرائيليين من الوصول الى بلعين والجهود الموازية التي تقدمها الدولة لترحيل الناشطين الدوليين. وقد جرى ترويج لمشاركة المتظاهرين الاسرائيليين منذ بداية الصراع كمبدأ استراتيجي من قبل اللجنة الشعبية للقرية.

وفي مواجهة تزايد القمع العسكري للصراع في بلعين، وعموما في الضفة الغربية، الذي يبرر تنظيم سكان ديمقراطيا للدفاع عن النفس بأنفسهم، يصر القرويون على شن "نضال غير عنيف" للدفاع عن أنفسهم، ولكنهم مع ذلك يواجهمن قمعا شديد.

أي مقاومة للسور تقمع من جانب "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط"، تحت ذرائع مختلفة، مثل "عدم شرعية" الاحتجاجات (بعد الاعلان عن "منطقة عسكرية مغلقة")، أو "رمي الحجارة" من قبل شباب القرية خلال اشتباكات مع الجيش (وأحيانا بمبادرة من المتسللين العسكريين السريين)، أو إلحاق أضرار الجدار من قبل المتظاهرين. وتقريبا كل الاحتجاجات ضد بناء الجدار العازل داخل الضفة الغربية تشتت بعنف وحشي، بما في ذلك عادة من خلال الرصاص من العيارات المعدنية المغلفة بالمطاط وأنواع أخرى من الرصاصات القاتلة، وأنواع مختلفة من القنابل المسيلة للدموع وقنابل الصدمة الملفوفة بالسائل لدى الرائحة، الخ.

وفي نيسان الماضي، قتل الجيش احد القرويين، باسم "فيل" أبو رحمة، استجابة لدعواته لاحد الضباط بوقف القمع. وانضم باسم إلى قائمة المقاتلين الطويلة من القرى الأخرى الذين قتلوا في الصراع الأوسع ضد الجدار منذ بدايته في عام 2002.

و أجريت منذ حزيران، موجات من الاعتقالات من قبل الجيش الاسرائيلي والشاباك (جهاز الأمن العام — الشرطة الإسرائيلية السرية)، في بلعين وفي نعلين، القرية المجاورة المناضلة. وقد اعتقل حوالي 40 من الـ1800 من سكان بلعين، بما في ذلك العديد من قادة النضال وبعض المراهقين، خلال مداهمات ليلية من قبل "ماكاف" (حرس الحدود، الجناح العسكري للشرطة الاسرائيلية)، والبعض منهم ما زالوا محتجزون في أحد السجون العسكرية الإسرائيلية.

ولكن بلعين يمكنها أيضا أن تكون فخورة ببعض الإنجازات الجزئية حتى الآن. ففي أيلول 2007، أمرت المحكمة العليا الإسرائيلية، التي تؤيد بناء الجدار، العسكر لتخطيط مسارا جديدا، مثلما فعلت في السابق لتخفيف حدة المقاومة في غيرها من المناطق حيث نضال جدي كان يندلع. فان المحكمة ليست قادرة على تجاهل الحقيقة أن المسار الحالي لا يحيط فقط مستوطنة قائمة ولكن أيضا مساحات شاسعة من الاراضى التي سرقت من أجل تأسيس عقارات لمستوطنات مستقبلية. وفي الأسبوع الماضي، بدأت فعالية القياسات الرسمية في المنطقة للتحضير لنقل الطريق. وهذا يعد انجازا هاما. ومع ذلك، فإن الطريق الجديد تعيد الثلث فقط من الأراضي المسروقة من القرية، وبطبيعة الحال، سوف يظل السياج.

المأزق السياسي

بدأت تظاهرة الذكرى السنوية بسلسلة من الخطابات من قبل رئيس بلدية جنيف الزائر وسياسيين فلسطينيين، بمن فيهم رئيس الوزراء سلام فياض (وهو ليبرالي جديد متطرف، سابقا رسمي من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي) و اليساري الليبرالي مصطفى برغوطي. وبالرغم من أن بلعين تعتبر معقلا تقليديا لحركة فتح، ظهر المشهد الفراغ السياسي القاتم الذي يواجهه الناس الفلسطينيون العاملون والفقراء.
ما هي صلة هؤلاء القادة إلى النضال الشعبي الفلسطيني؟ فياض يمكنه أن يتكلم في دعم النضال ضد الجدار ولكنه في نفس الوقت يقول انه يحث الرئيس الفلسطيني محمود عباس لإعادة الانخراط في مفاوضات مع حكومة نتنياهو الإسرائيلية اليمينية المتطرفة والمثيرة للحروب، بينما يتجاهل فياض حكم الواقع الذي يعني تصاعد المشاريع الاستعمارية والمستوطنات والتصعيد المستمر في قمع الفلسطينيين في قطاع غزة وأماكن أخرى.

ومع خلفية قوة المزاج للوحدة الفلسطينية الممكن تفهمه، فمن الصعب رؤية الاختلافات في جدول الأعمال بين الأحزاب السياسية العلمانية (حماس لم تكن في الاحتجاج)، وهذه القوى لا تطرح أي برنامج متميز. ولسوء الحظ، فإن المنظمات على يسار حركة فتح لا تزال تشكل الظل المنخفض للمنظمات اليسارية الفلسطينية منذ 20 عاما خلال الانتفاضة الأولى وحتى سقوط الاتحاد السوفياتي وخلال الفترة من اتفاقات أوسلو، والتي دفعت المنظمات الجماهيرية في إكمال سياسية الافلاس. ونرى أين تنتهي هذه العملية في الروايات المتناقلة عن بعض المتظاهرين الشباب من الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين انه قد تم فعلا وعدهم من جانب المنظمة بدفع المبالغ للمشاركة في هذا الحدث.

انفجارات قادمة

هذا الصراع هو أبعد ما يكون عن النهاية. فالسياج العملاق / الجدار الذي قدم بديماغوجية من قبل الطبقة الحاكمة الاسرائيلية بأنه "جدار الأمن"، هو احد الآليات الثقيلة للاحتلال. ويمكن العثور عل أصوله في اتفاقات أوسلو. ففي ذلك الحين اسحق رئيس الوزراء الاسرائيلي رابين (الذي اغتيل في وقت لاحق) ما يلي: "علينا ان نقرر الانفصال كفلسفة. يجب أن يكون هناك حدود واضحة".

الجدار يؤدي إلى تعميق الانقسامات الوطنية والى المزيد من تعقيد الصراع، كما أنه يخدم الطبقة الحاكمة الاسرائيلية في ضم الأراضي، وذلك بهدف فرض الحدود المستقبلية. فوراء الجدار، سجن من الكانتونات العسكرية العملاقة التي تسيطر عليه نامية على نموذج مماثل لقطاع غزة، إلا أنه مشرح أكثر بكثير. وهو يشمل الجيوب النخبوية من المستوطنات، مع بنية تحتية منفصلة، وفي بعض الحالات مع أوكار من "الكاهانيين" الفاشيين الإسرائيليين، الذين يرهبون السكان الفلسطينيين يوميا. والظروف المستحيلة التي تفرض على الفلسطينيين الذين تركوا "خارج" الجدار في الضفة الغربية، هي في الواقع وسيلة لإجبارهم على الانتقال "داخل" الجدار مما يفيد الطبقة الحاكمة الاسرائيلية في طموحاتها الديموغرافية.

إن الانتفاضة الثالثة هي في النهاية لا مفر منها. وهذا واضح على تنامي قطاعات من الطبقة الحاكمة الاسرائيلية، وبعض قادة الامبريالية الدولية التي تحاول أن تروج مرة أخرى النمط الاستعماري الجديد 'لترتيب السلام'، تحت قناع جديد وشبه دموي حول دولة فلسطينية باعتبارها "إستراتيجية مخرج"، لـ'نزع فتيل' الصراع. وكما أشار مثال قطاع غزة المأساوي في العام الماضي بعد مجزرة تدخل الجيش الإسرائيلي، انه حتى لو قررت الطبقة الحاكمة الإسرائيلية عند نقطة معينة تقديم تنازلات لسحب المستوطنات والقواعد العسكرية والانسحاب من وجود رسمي في منطقة محاطة الجدار (وهذا غير وارد في المرحلة الراهنة)، فإن النظام الإسرائيلي لا يزال مستعد لفتح أبواب الجحيم على السكان. وحتى لو كانت السلطة الفلسطينية في المستقبل محددة على الورق باعتبارها 'الدولة'، فإن الصراع لا يمكن حله. إن النظام الرأسمالي الإسرائيلي والامبريالية الداعمة له لا يمكن أن يسمحوا بقيام دولة فلسطينية مستقلة استقلالا حقيقيا في عقر دار إسرائيل.

بناء على النضال

إلا العودة إلى الكفاح الشعبي الجماهيري يوفر مخرجا للفلسطينيين، للحصول على تنازلات في نهاية المطاف للاطاحة باستمرار الاحتلال، وإنهاء الاضطهاد القومي. ولكن من دون ببعد النظر القيادة السياسية الفلسطينية من أجل الطبقة العاملة والفقراء والفلاحين الفقراء، أي انتفاضة من هذا القبيل لن تتمكن من تحقيق الهدف المتمثل في تحرير الفلسطينيين من القمع.

هناك حاجة ملحة لقوى يسارية حقيقية، والنقابات، واللجان الشعبية على الانضمام معا لتشكيل حزب سياسي جديد واسع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كبديل عن اليمين، الطريق المسدود من حركتي فتح وحماس. خيبة الأمل التي يشعر بها كثير من الفلسطينيين من أجل تحقيق هذه الأطراف الفلسطينية التقليدية والقوات تمهيد الطريق لمثل هذه المبادرة. وهذا ينبغي أن يقوم على أساس برنامج اشتراكي، مع اتباع نهج الطبقة، التي تهدف إلى التوحد في النضال الفلسطيني والإسرائيلي من الطبقة العاملة، في حين تطالب بحقوق متساوية وطنية حقيقية. في الوقت نفسه، هناك مهمة حيوية لتوسيع مركز العمل والدخل في المنطقة، وإلى إنشاء لجنة جديدة الماركسيين الذين يخوضون منظمة داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة. هذه هي التي تروج لها حركة النضال الاشتراكي.