socialism.org.il
مصر
الجماهير الثورية تتحرك لإسقاط ديكتاتورية مبارك
النظام ينشر الجيش في الشوارع في محاولة لسحق الحرآة الجماهيرية
نايل مولهالند، CWI
2011/01/28 20:03

انتشرت احتجاجات جماهيرية في مصر اليوم عقب صلاة الجمعة، وطالبت بنهاية الـ30 عام من رئاسة حسني مبارك. جرت المظاهرات في الإسكندرية والسويس والشرقية والمنصورة والقاهرة. وفي الكثير من الحالات وقعت اشتباآات بين المتظاهرين والشرطة واستخدمت قوات الشرطة الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي والذخيرة الحية. وفي مناطق مثل الإسكندرية والسويس وصلت الحرآة إلى نسب تمردية لتنسحب الشرطة وقوات الأمن من أجزاء من المدن في مواجهة المقاومة الجماهيرية.

هذه الاحتجاجات هي الأآبر منذ "انتفاضة الخبز" في 1977، عندما اضطر نظام السادات إلى تخفيض أسعار المواد الغذائية، فضلاً عن تصعيد القمع. ولكن الحرآة اليوم هي على نطاق أآبر بكثير وهي ثورة شعبية هائلة من الطابع الثوري. وشهدت احتجاجات يوم الخميس المتظاهرين يحاولون إشعال النار في المكتب المحلي للحزب الوطني الديمقراطي الحاآم. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع آانت هناك تقارير عن محاولات المتظاهرين بإقامة علاقات ودية مع فوز من الشرطة وهم يهتفون لصفوف الشرطة في القاهرة "يا إخوان! يا إخوان! يدفعون لكم آم!".

ويُظهر المتظاهرون شجاعة آبيرة في مواجهة قوة جهاز الدولة، وفي بعض الحالات يجبر المتظاهرون الشرطة على التراجع. وأفيد أن متظاهرون قد استولوا على مرآز للشرطة في الإسكندرية وأن "الشرآة قد استسلمت عن القتال مع المحتجين، والشرطة والمتظاهرون بدؤوا الآن بالتحدث والمحتجون يجلبون الماء والخل للشرطة من أجل الغاز المسيل للدموع" (بيتر بوآارت من هيومن رايتس ووتش في الإسكندرية).

وتتحرك الأحداث بسرعة مذهلة و تدخل الجماهير مرحلة من السياسة. فالساعات والأيام المقبلة حاسمة ويمكن أن نرى سقوط مبارك، وما إذا آان من الممكن أن يصمد جهاز قمع الدولة أمام الموجة العارمة من الاحتجاجات الجماهيرية. والدور المحتمل للجيش في الشوارع أو وراء الكواليس غير واضح حاليًا. ففي وقت آتابة هذا التقرير أفيد أن شرطة مكافحة الشغب قد اآتظت في الإسكندرية نتيجة تسلح المتظاهرين بدروع الشرطة لمكافحة الشغب، وأن قادة الشرطة فقدت الاتصال مع مرؤوسها. وفي السويس استولى المحتجون على أسلحة الشرطة واقتحموا عرباتها. وتم ضبط مرآزين للشرطة والافراج عن السجناء.

الشرطة والجيش

وسرعة ما تقدم المتظاهرون ونادوا الجنود ورجال الشرطة العاديين وفي القاهرة رددوا شعارات تدعو للدعم من قبل الجيش: "أين هو الجيش؟ تعالوا وانظروا ماذا تفعل الشرطة بنا. نحن نريد الجيش، نريد الجيش". وقال مراسل للجزيرة أن المحتجين قفزوا وهتفوا بجانب عربات الجيش المدرعة وأن الجنود لم يتخذوا أي إجراء. الاشتراآيون يضيفون نداء إلى فئات الجيش والشرطة الرتب المتدنية الذين ينتمون أساساً للطبقة العاملة والفقراء. وقد تشمل هذه الدعوة إنشاء لجان خاصة بهم للعمل على التطهير من الضباط والتسلسل الهرمي وبالتالي تقويض الأساس وتحييد قوات الأمن التي نُستخدم آأداة للقمع من قبل مبارك.

إذا تفككت الشرطة ولو جزئياً آما شاهدنا في الإسكندرية والسويس اليوم وانتشر وتكرر ذلك في جميع أنحاء مصر، قد ينهار نظام مبارك. ومع ذلك فإن نظام مبارك وهو قد أصيب بشدة من جراء أحداث اليوم الرائعة في الشوارع، يقاتل الآن لانقاذ حياته وقد يطلق العنان لقمع أآثر وحشية. ودعا مبارك الجيش للسيطرة على الأمن مما يشير إلى أنه لا يوجد لديه الثقة بأن الشرطة قادرة على متابعة تنفيذ الأوامر. والواقع أن الشرطة في القاهرة غير قادرة على قمع الاحتجاجات في الشوارع.

ويحاول النظام سحق الحرآة الجماهيرية وفرض حظر التجول الليلة وإغلاق معظم الإنترنت وإرسال قوات الأمن إلى مكاتب قناة الجزيرة الفضائية المحلية. ويجري نشر الجيش في الشوارع بما في ذلك الدبابات. وقد يرى بعض المتظاهرين أن الجيش هو المنقذ المحتمل ولكن هذا سوف يتحول بسرعة إلى نقيضه إن استُخدم الجنود لمنع بوحشية المزيد من احتجاجات المعارضة.

وتتطور الأحداث بسرعة وفي حين ننشر يبقى أن نرى آيف الحرآة الجماهيرية ستستجيب لهذه التطورات الجديدة. هل سيؤدي القمع الأآبر للنظام، و"سوط الثورة المضادة"، إلى المزيد من الاحتجاجات وإلى إرادة أآبر من قبل الجماهير لاسقاط مبارك؟ هل ستصف الفئات العمالية من الجيش وراء المتظاهرين؟ أم أن القوة الغاشمة للدولة ستجبر الحرآة الجماهيرية على التراجع مؤقتا؟ وحتى لو تمكن مبارك من التمسك بالسلطة للحظة وأن يجبر احتجاجات الشوارع على التراجع عبر ممارسته الوحشية، فإن أحداث اليوم التي لا تصدق والتي هي انتفاضة الجماهير، تعني أن النظام مصاب بجروح خطيرة. وسيتم ترقيم أيام مبارك في السلطة لأنه لم يعد يتمكن من مواصلة الحكم في الطرق القديمة نفسها.

مظاهرات اليوم ولليوم الرابع على التوالي تحاآي الثورة الشعبية في تونس المجاورة. حتى الآن لقد قتل سبعة أشخاص على الأقل في هذه الاضطرابات في مصر ولقد ألقت الشرطة القبض على الآلاف. وقال متحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين المعارضة أنه تم القبض على عشرين عضواً من منظمته يوم الخميس، بما في ذلك آبار القادة.

وحاول النظام قمع المظاهرات الني آانت مخططة لليوم من خلال منع الإنترنت ووصول الهاتف المحمول. ولكن قبل حجب الإنترنت استطاع الناشطون أن يستخدموا الشبكات الاجتماعية لدعوة المتظاهرين للذهاب إلى المساجد والكنائس اليوم. وآان قد حذر النظام أيضاً أن يتم نشر "قوة النخبة الخاصة في مكافحة الإرهاب" في نقاط إستراتيجية في جميع أنحاء القاهرة.

إن أفعال نظام مبارك اليائسة هذا الأسبوع أظهرت فقدانه منذ فترة طويلة قاعدته الاجتماعية. حوالي 30٪ من سكان مصر الـ80 مليون هم تحت الـ20 سنة من العمر، والفئة العمرية المعدلة هب 24 سنة فقط. إن أحداث هذا الأسبوع توضح بجلاء أن الشعب العامل والشباب فقدوا خوفهم من النظام. وعلق الصحفي روبرت فيسك "أنهم لم يعودوا خائفين… ورجال مبارك يبدو أنهم فقدوا آل حس المبادرة… فالقذارة والأحياء الفقيرة والمجاري المفتوحة والفساد من آل مسؤول حكومي والسجون المنتفخة والانتخابات المثيرة للضحك، آل نتائج السلطة المتصلبة جلبت المصريين إلى شوارعهم" (الاندبندنت، لندن،2011/01/28).

الإخوان المسلمين

لقد تخلفت جماعة الإخوان المسلمين وراء أحداث هذا الأسبوع، فزعماؤها راوغوا حول ما إذا آانوا ليدعموا التحرك أم لا. الإخوان ثم رآضوا للحاق بالشباب في الشوارع وحاولوا أخذ زمام المبادرة اليوم للاحتجاجات عقب صلاة الجمعة. وسمع المتظاهرون يهتفون: "االله أآبر!" هم يترآون المساجد بعد الصلاة وآانت تعليقات فيسك أن "هذه ليست انتفاضة إسلامية" وحذر أنه "من الممكن أن تصبح آذلك". وأضاف أن في هذه اللحظة "… إنها مجرد آتلة واحدة من المصريين المخنوقين من عقود من الفشل والذل".

وعلى الرغم من أن السنوات الأخيرة شهدت إضرابات رائعة وإنشاء نقابات مستقلة، حتى الآن الطبقة العاملة المصرية لم تدخل في الصراع آقوة جماعية منظمة ومستقلة، ولم تختم بسلطتها على الأحداث لإعطائها التوجه الطبقي الواضح الذي يؤدي إلى إسقاط نظام مبارك. إن الدعوة للإضراب العام إن حصل الآن وبتأييد ساحق سيقدم المجتمع إلى الشلل واللجان المنتخبة من النضال الجماهيري في أماآن العمل والمدارس والمجتمعات المحلية والكليات يمكنها أن ترتبط على النطاق المحلي والإقليمي والوطني لتقود المقاومة ضد مبارك ولتشكيل أساس سيادة العمال والفقراء.

العمال بحاجة لحزبهم الجماهيري الخاص بهم، مع برنامج اشتراآي لتغيير المجتمع. ولكن في غياب المنظمات العمالية القوية واليسارية لقيادة الثورة الاجتماعية الجماهيرية، سيحاول الإخوان المسلمون ملء فراغ القيادة.

آما يحاول محمد البرادعي ملء الفراغ وهو الذي حذر مبارك اليوم أن نظامه "في مراحله الأخيرة". وبعد الانتقادات الموجهة للبرادعي حول أنه عاد إلى مصر بعد أيام من بدء الاحتجاجات، أعرب عن "تضامنه" مع المحتجين. البرادعي، زعيم التحالف الوطني من أجل التغيير، مثل قيادة الإخوان المسلمين، يحاول متأخراً أن يوجه الحرآة الجماهيرية تحت "سيطرته". وعرض البرادعي نفسه للمساعدة في قيادة "حكومة انتقالية" وحذر من أنه "إذا لم يتكلم المجتمع الدولي فهذا سيعني الكثير من التأثيرات بالنسبة له".

والواقع أن إمبريالية الولايات المتحدة قلقة للغاية في هذه التطورات. فعلى مدى عقود آانت تؤيد الولايات المتحدة وغيرها من القوى الاستعمارية الغربية حليفها مبارك. والآن هي معنية بحيث الحرآة الجماهيرية ستتوجه والرئيس أوباما يدعو منافق مبارك إلى "إجراء تغييرات على النظام السياسي". مبارك آان تابعاً خانعاً للسياسة الأميرآية في المنطقة بما في ذلك بوصفه حارس لسجن الفلسطينيين في قطاع غزة وحليف ضد إيران. إذا آان نظام مبارك سيسقط فيمكن أن تدخل سياسة الولايات المتحدة الامبريالية في المنطقة المياه العشوائية.

بينما يفشل قمع مبارك الوحشي في وقف الاحتجاجات الجماهيرية حتى الآن، فقد تضطر الإمبريالية والطبقة الحاآمة المصرية أن تزيل مبارك وتجري تغييرات أخرى في القمة للحفاظ على مستقبل النخبة الحاآمة في مصر وعلى حليف الولايات المتحدة الحيوي في المنطقة. إنها مرعوبة أن نظام مبارك قد ينهار تماماً وربما يترك ذلك المجال مفتوحاً للإخوان المسلمين لملء الفراغ. اليوم نظام طهران علق باستفزاز أن الحرآة الجماهيرية في مصر "تعطي صدا" لثورة 1979 في إيران التي أدت في نهاية المطاف إلى مجيء سلطة رجال الدين.

تغيير النظام؟

إزالة مبارك ستكون نجاحاً آبيراً للحرآة الجماهيرية في الشوارع. ولكن من شأن عمال وشباب مصر ألا يكون لديهم أي ثقة في "الوحدة الوطنية" أو في "حكومة الخلاص الوطني" التي ينطوي عليها على الأرجح فلول نظام مبارك، وسوف تسيطر عليها قوات "المعارضة" الموالية للبرجوازية الأخرى. إنها ليست محسومة إن آان سيتم بذل محاولات لتضمين الإخوان المسلمين في أي نظام جديد (أو أجزاء منه)، ولكن أظهرت قادتهم منذ زمن استعدادها لتقديم تنازلات من أجل استيعابها. هم يدعون أن إسلامهم السياسي "معتدل". ولكن آما رأينا في حالة تونس، هذا النوع من "تغيير النظام" لن يلبي احتياجات ومطالب الجماهير.

الحركة الثورية التونسية تنتشر في أنحاء العالم العربي، من اليمن إلى الأردن، والآن الأآثر إذهالا لمصر. ويهدد آل نظام فاسد في المنطقة، وعاجلا أو آجلا سيواجه احتجاجات ضخمة في الشوارع وسينم إزالته. وأظهرت الجماهير العاملة قوتها وأزالت الفكرة أنها لن تقاوم. الحرآات الجماهيرية التي تجتاح شمال أفريقيا والشرق الأوسط هي مصدر إلهام آبير للشعب العامل والشباب في جميع أنحاء العالم، وبحق مصدر قلق آبير للطبقات الحاآمة في آل مكان.

اللجنة لأممية العمال تدعو: