socialism.org.il
شمال أفريقيا / الشرق الأوسط
ثورة الشعوب العربية على صعيد المنطقة
لتحقيق النجاح الكامل، من الضروري أن تتجاوز الثورات إطار الرأسمالية
پيتر تاف، CWI
2011/02/21 12:48

"عشرة أيام هزت العالم" (الغارديان)، من تونس إلى مصر إلى البحرين إلى ليبيا واليمن وجيبوتي والمغرب. لقد اندلعت الثورة في جميع أنحاء الشرق الأوسط بعد تضحية البائع المتجول البطل في تونس. وما زالت الثورة بحاجة إلى استكمال أعمالها آما تشير إليه منذ الأيام القليلة الماضية المجازر الدموية لنظام القذافي اليائس. وفيما أن الغالبية العظمى من الشعب هي على ما يبدو ضد نظامه، فإن احتمال الحرب الأهلية من جانب واحد هو من غير المرجح أن ينجح، وهذه هي حقاً ثورة على صعيد المنطقة للشعب العربي.

سئل والد بحريني على بي بي سي ما إذا آان قتل ابنه ضرورياً لهزيمة النظام، فأجاب: "نعم، ومقتل أبنائي الأربعة ومقتلي أنا إذا آانت لفوائد أجيال المستقبل". وآما هو الحال في جميع الثورات، لقد فقدت الجماهير خوفها من الدآتاتورية حتى تلك ذات أآثر وحشية. وعندما يحدث ذلك لا يمكن لأي آمية من القمع أن توقف عجلة تحول التاريخ. ويؤآَّد ذلك بوضوح من قبل الانتفاضة في ليبيا التي قسمت الجيش، ويبدو أن حتى القبائل التي آانت مدعومة من نظام القذافي هي الآن — وآذلك البعض من الجيش — إلى جانب الثوار.

قاسم مشترك بين الظروف

ومع أنه صحيح ما قاله روبرت فيسك في صحيفة الاندبندنت اللندنية عندما أشار إلى أن آل دولة من الدول المصابة بالفيروس للثورة هي مختلفة، ولكن هناك قاسماً مشترآاً في الظروف الاجتماعية التي يمكن استخلاصها بالحرمان من الحقوق الديمقراطية الأساسية ما يترتب عليه الشعور بالذل الذي لا يطاق وغير المقبول في جميع البلدان المؤثرة وتلك التي هي على وشك الدخول في الدوامة. إن النمط — الذي يكشف عن قوانين الثورة والثورة المضادة — هو واضح في آل الحرآات حتى الآن.

وتهدد الدآتاتوريات، وبما في ذلك الملوك الذين يوصفون زوراً بأنهم أقل "استبدادية"، عند مواجهتها المعارضة الجماهيرية في الشوارع، بإطلاق قوة رهيبة ضد الشعب. ولكن هذا سيشجع الثورة ويدفع بها إلى الأمام. إن آل هجوم رجعي سيعمق الأزمة ويوسع دائرة الاحتجاجات ودائرة المشارآين في الثورة.

في البحرين وحيث الملكية تفضل 30٪ من الشعب وهم من السنة، وتميز بشراسة ضد 70٪ منه وهم من الشيعة، الكثير من الشيعة آانوا مترددين في البداية للانضمام إلى الاحتجاج. ولكن المجزرة في العاصمة المنامة أدت إلى زيادة هائلة في عدد المتظاهرين الذين احتذوا احتلال ميدان التحرير. "نحن لا نعبأ بما اذا آانوا يقتلون 5000، يجب أن يسقط النظام" آان ما قاله أحد المتظاهرين. وفي معارضة غريزية ضد الطائفية — وهذا يشكل خطراً في أعقاب مذبحة "الأحد الدامي" من الغالبية الشيعية — توجه الجماهير إلى الشوارع وهم يهتفون "لا للسنة ولا للشيعة، نحن جميعاً بحرينيون، فلتسقط مملكة خليفة!".

إن الوضع أآثر آثافة في البحرين وأماآن أخرى في الخليج، سواء بسبب تعفن الأنظمة الإقطاعية وشبه الإقطاعية أو أيضاً الدور القمعي والاعتمادي على المرتزقة الأجانب. أيضاً في ليبيا، يقال أن النظام القذافي الحاآم منذ 42 عاماً يعتمد على المرتزقة الأجانب من تشاد وغيرها. وهذا لن ينقذ القذافي أو ابنه الجنوني الذي هدد بنشوب حرب أهلية ما لم ينهِ المتظاهرون معارضتهم.

لقد تطورت الأحداث إلى بعد حيث ليس فقط بنغازي الآن بل طرابلس قد تأثرت، وحيث هاجم المتظاهرون محطة التلفزيون وحيث نرى أيضاً بداية آسر الخوف. وعلى الرغم من الرهبة المتبقية من نظام القذافي، إن المتظاهرون مستعدين للخروج ليلاً لتجنب قتل وقناصة الحكومة خلال النهار. وانتشرت "العدوى" في شكل أو آخر لجميع أو معظم الأنظمة العربية الـ22. وفي الجزائر، في الجزائر العاصمة، تمت تعبئة 30000 شرطي ضد المظاهرات. وما زالت الحرب الأهلية الدامية منذ 14 عاماً في وعي الجماهير. ولكن حتى هنا نظام الرئيس بوتفليقة هو تحت الحصار. وفي المغرب حيث الملك محمد السادس آان في الآونة الأخيرة يتباهى بأن البلاد في أآثر استقرار بسبب "الديمقراطية" الموجودة، اندلع السخط الجماهيري. و18٪ من الخريجين عاطلون عن العمل، و44٪ هي نسبة الأمية في البلاد.

عملية الثورة

لذلك ربما تستمر عملية الثورة — مع بعض التأخير في بعض البلدان — في جميع أنحاء المنطقة. فلقد أحيت ثقة الشعب الفلسطيني المضطهد وبالتالي أنتجت الثورات تقويضاً للطبقة الحاآمة الإسرائيلية ومؤيديها في لندن وواشنطن. وعلى الرغم من محاولة وزير الخارجية البريطاني وليام هيج إبعاد حكومة آاميرون من القذافي والنظام الملكي البحريني، فالأسلحة بما في ذلك الدبابات التي انتشرت ضد الثورة هي بريطانية. والسلطة الفلسطينية المتعاونة — وذات الزعماء الذين أرادوا دعم مبارك — سوف تتعرض لضغوط من الجماهير على حد سواء في الضفة الغربية وفي المناطق لفلسطينية الأخرى في الفترة المقبلة.

والنظام الأردني الهاشمي هو أيضاً تحت ضغوط شرسة على الرغم من ما يسمى بوثائق تفويضية لدى الملك عبد االله "الليبرالية". وآما هو الحال في بقية دول الشرق الأوسط، الفساد مستشر ويمتد وصولاً إلى الأسرة المالكة وخاصة الملكة، وهناك تذمر من قبل الحرآة الجديدة لتغيير جوهري في الوضع الذي يمكن أن يهدد وجود النظام الملكي في الأردن.

وعلى الرغم من عدم وجود ما يبدو من تحدي على المستوى المرئي على الأقل، فالنظام السوري ليس مرتاحاً تماماً أو حتى واثقاً من أنه يمكنه أن يخرج سالماً من الموجة الثورية الحالية. في الماضي آان النظام يتمكن من اللجوء إلى الإرهاب الشامل على شعبه لتخويفه. وقد قتل عشرة آلاف من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين في مدينة حلب عام 1979، وهذا إلى حد آبير حدث موجود حتى الآن في وعي الجماهير السورية.

ولكن مثل في مصر والبحرين وليبيا، لقد أظهر الإرهاب أنه لن ينجح وحده في تغيير الوضع الذي تشهده المنطقة. هذه حرآة من أجل الحقوق الديمقراطية وأيضاً لتغيير الأوضاع المعيشية للعمال والمزارعين الصغار على وجه الخصوص، فضلاً عن الطبقات الوسطى التي فكرياً ومادياً عانت من خنق قيود الدآتاتوريات. في البحرين، أعلن زعيم سني وأحد أعضاء الجناح اليساري العلماني لحزب الوعد: "سيكون لدينا بالتأآيد المزيد من المظاهرات وأنا متأآد أننا سنتوصل إلى إضراب عام. البحرين لن تكون آما آانت من قبل" (فايننشال تايمز).

ولا يمكن للنظام الإيراني القمعي الجلوس بشكل مرتاح في ظل ثورات الشرق الأوسط، وذلك على الرغم من أنه تظاهر في البداية وآأن ما يجري هو صدى للثورة الإيرانية في عام 1979. عندما تخرج الجماهير الإيرانية لمواجهة الديكتاتورية الإيرانية تواجه من قبله بنفس الوحشية الغلظة مثل ذات آل الأنظمة الأخرى التي تواجه حرآة جماهيرية. ولقد دعا النواب المؤيدون للحكومة بإعدام زعماء المعارضة، والحكومة والحرس الثوري له مصلحة مادية في الحفاظ على النظام الإيراني. فهم آانوا من بين المستفيدين من الخصخصة الهائلة للقطاعات المملوآة للدولة، وسوف يقاتلون إلى جانب محمود أحمدي نجاد لإبقاء النظام. وربما لا يزال هناك بعض المحافظين للنظام بين فئات من الشعب التي قد تخشى من عودة القوات الغربية المدعومة من الإمبريالية الأمريكية. ولكن الجيش المصري لديه صلات آبيرة لملكية الصناعة والبنوك أيضاً، ونظام مبارك لم يستنفد تماماً آل أسس الدعم، ولكن ذلك لم يكن آافياً ضد الأغلبية من الناس الذين آانوا مصممين لإحداث التغيير.

دهشة وتشجيع

ولذلك فإن ثورة الشرق الأوسط — لأن هذا هو ما هو عليه — لا يزال يذهلنا ويشجعنا نحن العمال والفقراء في آل مكان. وقد ألهمت الثورات المصرية وغيرها الحرآة القوية لعمال الولايات المتحدة في ويسكونسن. إن الإطاحة بالدآتاتوريات ليست سوى المرحلة الأولى، وتحقيق الحقوق الديمقراطية يمثل خطوة آبيرة إلى الأمام. ولكن بقايا الأنظمة القديمة لا تزال موجودة — ولا سيما آلات الدول السابقة — آما يدل على ذلك استمرار النفوذ والتدابير القمعية التي تقوم بها الشرطة والجيش في مصر وآذلك في تونس.

الثورة تنجح بالكامل فقط إذا تجاوزت إطار الرأسمالية والإقطاعية، وإذا طرحت القضايا الاجتماعية للقضاء على البطالة وتدمير آل عناصر الفساد ومن أجل الحقوق الديمقراطية. هذا ممكن فقط من خلال إنشاء اتحاد آون فدرالي اشتراآي في الشرق الأوسط.

لقد ألهمت هذه الحرآة العمال في آل مكان. نحن ليس لدينا ديكتاتورية في بريطانيا، ولكن نظام نائب رئيس الوزراء آليج ورئيس الوزراء آاميرون هو في الواقع "دآتاتورية منتخبة". وعلاوة على ذلك، هناك في الواقع وعلى نحو متزايد "ديكتاتورية" أصحاب المصانع وأماآن العمل، فهي تشن هجوماً ضد الطبقة العاملة هنا لقمع وعرقلة النقابات العمالية، وهي مدعومة من قبل المحاآم والقضاة غير المنتخبين.

يجب علينا أن نفعل آل ما في وسعنا لدعم العمال والمزارعين الأبطال الذين يناضلون في الشرق الأوسط لإآمال التغييرات الكبيرة في المجتمع التي يتوقون لها. ويجب علينا أن نفعل الشيء نفسه هنا في بريطانيا وأوروبا وبقية العالم حتى نلغي جميع جوانب المجتمع الرأسمالي الوحشي والجشع، والذي لا يمكن أن يقدم شيئاً للمستقبل سوى البؤس وعدم الراحة.