socialism.org.il
مصر
"لن نغادر قبل أن يرحل!"
تقرير شاهد من ميدان التحرير في القاهرة
موقع اللجنة لأممية العمال
2011/02/02 07:35

بعد المظاهرات الضخمة في القاهرة والإسكندرية يوم أمس، صرح الرئيس حسني مبارك أنه سيتنازل عن منصبه في أيلول / سبتمبر. ولكن تعهد المتظاهرون في ميدان التحرير في القاهرة على مواصلة المظاهرات لاجبار مبارك أن يترك منصبه. وشهد بعد ظهر اليوم اشتباكات دراماتيكية عندما هوجم المتظاهرون من قبل أنصار مؤيدين للدكتاتور الذي ليس لديه أي مصداقية، واستخدموا أسلحة نارية من على ظهور الخيل والجمال في محاولة أخيرة لتخويف المتظاهرين ولإجبارهم على ترك الشوارع. وبقي الجيش على "الحياد" وأصدر أمراً بتفريق التجمعات من كلا الجانبين.

أدناه ننشر مقابلة أجرتها socialistworld.net قبل أحداث بعد ظهر اليوم مع مراسل اللجنة لأممية العمال في ميدان التحرير وسط القاهرة.

ماذا يحدث الآن في القاهرة؟

"في ميدان التحرير والشوارع المحيطة هناك الآلاف والآلاف من المتظاهرين — أنا لم أر قط شيئاً مماثل. لقد بدأت المظاهرة في الصباح الباكر والآن نخن في وقت متأخر من المساء (01 فبراير). ورغم وجود حظر تجول رسمي، لا يزال هناك عدد كبير من الناس في الميدان. الحشد كثيف ويصعب التحرك عبره. ويسيطر المتظاهرون على وسط المدينة بأكمله وخالي تماماً من الشرطة. ولا تزال هناك جنود حولينا ولكنها ليست على مرأى. ويتم ترتيب الاحتجاج من قبل فرق دفاعية متعددة الأديان وتتحقق من أوراق ووثائق المارة ومن أنه ليس هناك أي أغراض محظورة يمكن استخدامها للاستفزاز، وتوزع منشورات مع تعليمات عن كيفية التصرف في الميدان. ومستوى التنظيم الذاتي والانضباط مثير للإعجاب. وقد أنشئت مراكز طبية ومركز صحافة، وهناك مطاعم تشتغل.

"وقال لي أحد المتطوعين أمس أنه عندما كان يتفحص جوازات السفر يوم أمس اكتشف رجال شرطة (في جوازات السفر المصرية تذكر المهنة)، فسلمه إلى الجيش. ويبدو أن هناك اتفاق للقيام بذلك على الرغم من أنه ليس من الواضح ماذا يفعل الجيش بالشرطيين الذين يسلَّمون إليه. ولا يسمح لعناصر من قوات الشرطة و"قوات حفظ النظام" في الدخول إلى الميدان حتى لو كانوا لا يرتدون اللباس النظامي، وذلك لأن الناس يعتقدون أنه من المرجح أنهم سيتسببون باستفزاز المتظاهرين مما قد يؤدي في الحالة الراهنة إلى مأساة.

"وتتكون المظاهرة من مجموعات من الناس يقفون حول خطباء مع مكبرات الصوت وهم يهتفون بشعارات أو يبلغون عن معلومات هامة. وهناك اجتماعات تجري حول الأكشاك من مختلف الأحزاب السياسية. ومن بين المتظاهرين هناك عدد كبير من الشباب الناشطين للغاية وعلى استعداد للمواصلة حتى النهاية. وهناك العديد من النساء المشاركات في الاحتجاجات. والجميع يصرخ: نحن لن نغادر حتى يرحل مبارك. وعند حضور أحد الأشخاص، وهو كان ربما يريد أن يثير استفزازاً، وصاح بأن مبارك استقال على الفور، قاطعه المتظاهرون الذين هتفوا "لا تصدقوا الشائعات، يجب ألا يترك أحد الساحة حتى استقالة الرئيس رسمياً"، ويمكن القول أن هذا الشعار كان موجه ضد النظام بأكمله وليس إلى شخص واحد.

"ولقد أوقفت الإنترنت في القاهرة والرسائل القصيرة لا تصل وهناك مجاعة لمعلومات حقيقية. في هذه اللحظة يمكن استخدام الهواتف الخليويو / النقالة. وحظر بث قناة الجزيرة من قبل السلطة. لقد التقيت مع رئيس مكتب القاهرة للجزيرة وهو يعيش في خيمة ويشارك في تنسيق عمل المراسلين له وأطقم التصوير.

"وبينما كنت أمشي بين الحشود حدث لي لقاء غير متوقع. أحد لم أكن أعرفه نادني باسمي! وأوضح لي أني لم أكن أعرفه ولكن "أنا أعلم من أنت، أنت صديقي على الفيسبوك!" وعلى ما يبدو فقد تبادلنا بعض التعليقات حول الوضع في مصر ولقد عرفنا عن أنفسنا الآن. وسأل الكثير من الناس بما كنت أقوم في القاهرة، وعندما قلت بأنني قد جئت خصيصاً لدعم نضالهم فوجئوا وفرحوا. وكان هناك سياح أيضاً يشاركون في الاحتجاجات؛ وسمعت الناس يرددون هتافات باللغة الإيطالية والإسبانية ولغات أخرى. والتقيت اثنين من الشعب الإنجليزي كانوا يعلقون لافتة باللغة العربية: "مبارك، حان الوقت للرحيل، ونحن بحاجة إلى الاستحمام!" وعلى ما يبدو لا يوجد ماء في بعض الفنادق. وفي بعض الأحيان كان المصريون هم الذين يكتبون لافتات ومنشورات في اللغة الإنجليزية، وذلك لأن يشهد المارة وأن تشمل التقارير التلفزيونية ما يجري. وبسبب الحصار على المعلومات لا يعلم الناس سوى القليل عن الاحتجاجات الدولية التضامنية مع نضالهم، ولكن عند وصلها، قوبلت هذه التقارير بحرارة ".

ما هي مطالب المحتجين؟ ما هي الشعارات؟

"إن المطالب اجتماعية وديمقراطية بالأساس: الرئيس يجب أن يستقيل، ومطالب من أجل الديمقراطية وحرية التعبير، ولوضع دستور جديد وإجراء انتخابات جديدة على كل المستويات. رأيت امرأة لديها لافتة قائلة أن "الجيش يجب أن يدافع عنا — نعم، وينبغي أن يحكمنا الجيش — لا". وبعبارة أخرى وعلى الرغم من أن المتظاهرين يتعاملون مع الجيش بحرارة، فهم ليس لديهم الرغبة في أن يتولى المسؤولية.

"في بعض الأحيان يمكنك أن ترى مطالب تقدمية إن لم تكن واضحة جداً، مثل "من أجل استرجاع ما قد سرق من الشعب" وبالرغم من عدم وجود فهم واضح لما يعنيه هذا أو كيفية تحقيق ذلك. ورأيت شعارات مثل "لربط مستويات الأجور بالأسعار" و"حد أدنى للأجور 200$". ولكن بصفة عامة لم أشاهد برنامج مدروس أو تحليل. وطلب آخر مهم كان من أجل إلغاء قانون الطوارئ الذي تم تنفيذه في مصر لأكثر من 30 عاماً، ويستخدم لقمع أي حركات احتجاجية.

"وفي كل مكان يمكنك أن تشعر بالمزاج المرتفع، وهناك انفجار للطاقة الاحتجاجية التي تنعكس في كل أنواع الأشكال الإبداعية: المعتصمون يرسمون لافتات وشعارات على الأرض وعلى الجدران وعلى السيارات وعلى وجوههم وملابسهم. وتعرض جميع أنواع الأعمال المسرحية. وهناك الآلاف من المنشورات قد وزعت وكذلك النداءات والإعلانات وأحيانا دون توقيع — فقط من أفراد.

ما هي القوى المشاركة في الاحتجاج؟

"كل أنواع القوى المختلفة، فاليسار يشارك، واليمين والإسلاميون. اليسار والمجموعات شبه اليسارية تقيد نفسها لمطالب ديمقراطية وهذا ببساطة لتعكس مطالب الجماهير. يدعون إلى استقالة الرئيس مبارك وإجراء انتخابات جديدة ووضع دستور جديد. ولكنهم لا يقومون بأي تحريض حول برنامج اشتراكي.

"الإسلاميون من جماعة الأخوان المسلمين يشاركون ولجميع المقاصد والأغراض في الاحتجاجات. وعندما بدأت الحركة فهم لم يتدخلوا. الآن وتحت الضغط من قاعدتهم يجبرون على الخروج إلى الشوارع. ولكن ليس لديهم أي تأثير يذكر على ما يقرب من المطالب والشعارات ومزاج المتظاهرين. لقد شاهدت مرة مجموعة من الشباب يرددون شعارات ديمقراطية عندما أحد "الملتحين منهم" حاول الاستيلاء على هذه المبادرة وبدأ يهتف "الله أكبر". ولكن لم يحصل هناك استجابة من بقية الحشد مما كان مجرد تجاهل له. ثم حاول أن يدخل أكثر عمقاً بين الحشد واستمر في الصراخ حتى انقلب الحشد عليه وطلبوا منه أن يكون هادئاً. "الله أكبر" ليس شعاراً ولا يدعو أحداً إلى أي شيء ولا يقدم أي مطالب أو برنامج. ولكن شارك جزء كبير من المظاهرة عندما جاء الوقت للصلاة، والإسلاميون ناشدوا المؤمنين. ولكن بعد ذلك مباشرة استأنفت مظاهرة قام بها مرددون هتافات ديمقراطية. لا أحد كان يصرخ للشريعة.وهناك أيضاً العديد من النساء اللواتي تشاركن في الاحتجاجات.

لقد تحدثت مع عدد من الأقباط (المسيحيين المصريين)، وهم يشكلون عدداً مهماً في صفوف المتظاهرين، مما هو أحد الأعراض الهامة. فخلال عيد رأس السنة في الإسكندرية كان هناك هجوم إرهابي بالقنابل على الكنيسة المسيحية وهذا أدى إلى وضع متوتر جدًا في المدينة والبلد. ونظم الأقباط مظاهرات مطالبين بالأمن ورددوا شعارات معادية حتى للإسلامية. ولكن الآن لقد تحولت هذه الحالة. يمكننا أن نرى كيف، حرفياً وعلى مدى بضعة أيام أو ساعات، وحدت الحركة المتحدة لحقوق الديمقراطية والاجتماعية على حد سواء المسيحيين والمسلمين. الوحدة في النضال تجرد الاختلافات السطحية. وكثيراً ما أرى الناس يرتدون قلائد مع الصليب متشابكة مع نصف القمر وذلك هو رمز للوحدة بين الأقباط والمسلمين. وعندما خرجت الكنيسة في شكل البطريرك كبير السن وأيدت علناً مبارك، حتى بعض الأقباط نظروا لذلك على نحو أمر إيجابي بحجة أن المسيحيين سيكونون الآن أقل إيماناً بالرموز المقدسة للكنيسة بوصفها رمزاً للسلطة.

"ولقد شكلت المعارضة بالفعل ائتلافاً من أحزاب مختلفة من اليسار واليمين والإسلاميين، وتدعم المطالب العامة للجماهير. ولكن يطلبون أيضاً أنه خلال ستة أشهر من الفترة الانتقالية حتى لحظة مغادرة مبارك، أنه ينبغي تشكيل حكومة من "الخلاص الوطني". وخلال هذه الفترة يعدون لتنظيم انتخابات على كل المستويات وإصدار مشروع الدستور الجديد.

إن اليسار، من خلال المشاركة في هذا التحالف، هو في الواقع يساعد على تسليم السلطة لذلك الجزء من البرجوازية التي هي في الوقت الحالي على مسافة من السلطة ومن قبل بعيدة عن نظام مبارك. ويجري توزيع شعارات ومطالب هذا التحالف على نطاق واسع دون اعتراض المتظاهرين، وذلك على الرغم من أن قيادي المعارضة يشك بأمرهم. هذا هو الحال خاصة مع الرئيس السابق للهيئة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي الذي عاد لتوه إلى مصر. ولكن وحتى الآن لا أحد آخر يطرح برنامج بديل ولا حتى اليسار.

في ظل الفراغ السياسي الموجود الذي بدأ بالفعل أن يُمتلأ من قبل اليمين، على اليسار أن تكون ناشطة جداً وأن توزع منشورات واقتراح بديلة، وأن تبني منظمة — على الرغم من أن هناك مشاكل عملية حالياً للحصول على الأفكار في شكل مطبوع — كما يتم إغلاق جميع المحلات التجارية ".

اللجنة لأممية العمال تدعو إلى: