socialism.org.il
طالبو اللجوء
أوقفوا الترحيل — لنستثمر في توفير الأحياء السكنية
هؤلاء وحوش العقار من تل أبيب، الدكتاتوريّون السفّاحون من أفريقيا، ومقاولو ضمّ الأصوات في الليكود: جميعهم يملكونَ أسهمًا في البرنامج الحكوميّ لنتنياهو، في تهجير المطالِبين باللجوء
ياشا مارمر
2018/02/10 17:54

لقد تظاهر الآلاف من طالبي اللجوء ضدّ البرنامج الحكوميّ لنتنياهو في ترحيلهم. بمحاذاة ذلك، تراكمت التصريحات ورسائل الاحتجاج، واحدًا تلو الآخر، ضدّ سياسة تهجير طالبي اللجوء، وذلك على يد هؤلاء: معلّمات، صحفيّون، عمّال في مجال السينما والتلفزيون، محاضرون، أخصّائيات نفسية، أطبّاء وممرّضات، عاملات اجتماعيات، وطالبات يدرسن العمل الإجتماعيّ، وكذلك عشرات الناجين من الهولوكوست. لقد وقَّع آلاف الطلّاب من المرحلة الثانوية، على عريضة رافضة لسياسة التهجير. لقد شارك آلاف الإسرائيليّين وطالبي اللجوء في مؤتمراتٍ مختلفة، وشارك مئات المتظاهرين في "موجاتٍ احتجاجية" داخل الحرمات الجامعية، بعيدًا عن بيت نتنياهو وكحلون (وزير المالية).

في شهر كانون الأول، وضّحت حكومة نتنياهو — المتعطّشة للأموال والثروات — في الكنيست، فكرتها حول برنامج الترحيل، وذلك بدعم من رؤساء حزبيّ 'العمل' وَ 'يش عتيد'. بحسب البرنامج، يحقّ للدولة اعتقال أيَّ شخص يدخل إلى مساحتها عبر الحدود الجنوبية، دون أن يكون قد طالَبَها أوّلًا (وحتى الأوّل من كانون الثاني) بتوفير اللجوء له؛ ونفس الشيء مع طالبي اللجوء الذين رُفضت مطالبهم. يُستثنى حاليًا من الصورة، النساء، الأطفال، وأهالي الأولاد.

يوجد أمام الشخص المعتقَل خياران: أن يُهجَّر إلى "دولة ثالثة" أي مناطق أفريقية تسودها المعارك والحروبات، دون أن يحظى بتصريح إقامة أو وضعٍ مستقرّ، والخيار الثاني سيكون أن يُأسر دون تحديد مدّة سجنه، داخل سجن 'سهرونيم' في النقب. إذا اختار معظم المعتقَلين الأسرَ، ستأخذ حكومة نتنياهو بعين الاعتبار إمكانية ترحيلهم جوًا وعُنوةً.

تدّعي حكومة نتنياهو كذبًا بأنه يهمها أمر المواطنين القدماى في الأحياء الغربية لتل أبيب. إنّ جميع احتياجات هذه الأحياء — التي استوعبت عشرات الآلاف من طالبي اللجوء والعمّال المهاجرين من أوروݒا الشرقية، ومن جنوب شرق آسيا ومن أفريقيا منذ بدايات التسعينات — لم تحظى أبدًا باهتمام الحكومة الحالية ولا سابقاتها. لم تتلقّى مؤسّسات الرعاية الإجتماعية والتعليمية دعمًا ماليًا حقيقيًا، كاستعداد لمواجهة التضخّم السُكّاني، ولا أيّة مبادرة في مشروعٍ إسكانيّ أو في توفير الوظائف.

الاتّجار بالبشر

يدّعي نتنياهو بأنَّ حكومته تعمل "ضدّ المهاجرين غير القانونيّين، الذي لم يأتوا فعلًا لغرض اللجوء، وإنّما بحثًا عن العمل". لكنه هو بنفسه، وفي عام 2007، وقّعَ على عريضة تفرض على حكومة أولمرت بعدم تهجير اللاجئين السياسيّين السودانيّين حيث يُزعم هنا أنَّ "هؤلاء اللاجئون الذين قدِموا من السودان، هم بحاجّةٍ ماسّة إلى حمايةٍ ومأوى".

لماذا تصرّ الدولة على تهجير المواطنين من إريتريا والسودان إلى "دولة ثالثة"؟ لماذا حتى يومنا هذا ما زالوا يحظون "بحماية جماعية" وتصريح إقامة مؤقّت حيث يُجبرون على تجديده مرّةً كلَّ شهرَين؟ عمليًا، فإن "الحماية الجماعية" هي مجرّد عذر استغلّته الدولة حين استجابت لإحدى عشر طلبًا فقط، في اللجوء، ذلك من مجمَل 15 ألف طلبٍ آخَر من قِبَل مواطني الدولتَين.

دائمًا تحتاج حكومة نتنياهو إلى شخص أو جسم ضعيف تلقي باللوم عليه، لتلهي الجماهير عن القضايا الإجتماعية المصيرية.

يُستغل أيضًا، وباستهزاء واستحقار، طالبي اللجوء، على أنهم بضاعة بيد نتنياهو عند محاولته لتعزيز علاقاته مع الدول الدكتاتورية الأفريقية. بما أنّ نتنياهو فشل في عقد اتّفاقية مع دولة إريتريا (حول ترحيل طالبي اللجوء إليه)، فقد حاولت حكومته عقد اتّفاقيات أخرى مع رواندا وأوغندا. يما يخصّ النظام الدكتاتوري لݒول كاغامه، فقد تمَّ اقتراح نصف مليون دولار له على كل مئة شخص طالِب للجوء، ترحّلهم إسرائيل إليها. هل كل يسعنا تسمية ذلك بأي شيء آخَر سوى الاتّجار بالبشر؟!

لا يمكن أن نفصل قضية طالِبي اللجوء في إسرائيل عن قضيّة طالبي اللجوء على مستوًى عالميّ. لقد جلبت الحروب الاستعمارية في أفريقيا والشرق الأوسط معها — كذلك الاستيلاء على الموارد على يد المنظّمات والمجمّعات الدولية، واللامساواة التي تنتهجها الإمبريالية وتعمل على تصعيدها — جميع ذلك سبّب مؤخّرًا في تهجير وتشريد عشرات ملايين الأفراد من بيوتهم، وإلى محنة عالمية، والأقوى، التي يعاني منها اللاجئون منذ اندلاع الحرب العالمية الثانية. ترفض جميع القوى والسلطات الرأسمالية — على اعتبارهن المذنبات الأوائل وبشكر مباشر في عمليات التهجير الجماعية — إعطاء الحقِّ الأساسي في حصول الأفراد على حقّ اللجوء في منطقتها، بل تعمل على فرض الضغوطات الاقتصادية والسياسية على الدول الكولونيالية الجديدة، في أن تحسم الأخيرة القضية لأجلهن عن طريق تنفيذ الأسر الجماعيّ، أو بناء المساكن، للاجئين في ظروف غير جيّدة في مخيّمات مؤقّتة، وهذا ما تتّبعه أيضًا سياسة نتنياهو.

"إنّنا نفضّل الموت"

"إنّنا نفضّل الموت مع عائلاتنا في إريتريا ولا أن يتمّ ترحيلنا إلى رواندا، فبالنسبة لنا الوضع هناك أشدّ خطورةً من هنا"، هذا ما أعرب عنه اثنان من نشطاء 'نضال اشتراكي' كنموذج لما يعانيه الكثيرون. توضّح لنا باحثاتٌ إسرائيليات ومفوضيّة الأُمم المتّحدة لشؤون اللاجئين، بناءً على شواهد تلقّتها خلال السنوات الأخيرة، في أنَّ طالِبي اللجوء الذين طُردوا من إسرائيل إلى دول أفريقية، لم يحظوا هناك على أي حقّ قانوني أو حقٍّ أساسيّ. يُنفى هؤلاء الأفراد من دولة إلى أخرى، فقط ليتمّ تهجيرهم من جديد ويعبرون أثناء ذلك مناطقَ تعجّ بالقتال والحروب، في جنوب السودان وفي ليبيا، الأمر الذي قد ينتهي بهم في الأسر، الاتّجار بهم كعبيد، أو إلى تهجيرهم إلى بلدة مولدهم، بل حتّى قد ينتهي بهم الأمر بالموت قتلًا.

في 22 من كانون الثاني، تظاهر الآلاف من طالبي اللجوء، أمام سفارة رواندا في هرتسليا، احتجاجًا على تعاون السيادة الحكومية مع برنامج الترحيل. هذا ما سُجّل، من مجمل الأشياء، على لافتات المتظاهرين والمتظاهرات: "حياة السود مساوية في الأهمية؛ لكن ليس في إسرائيل"، "من لجوءٍ في رواندا إلى الاتّجار بهم في ليبيا"، "يا كاغامه، كم كسبت من القنابل على حساب سفك دمائنا؟". هناك احتمالٌ كبير في أنّ كاغامه بنظام حُكمه هذا — الذي هو نفسه مسؤول عن مجازر كبيرة فظيعة في حقّ اللاجئين، المهجَّرين من رواندا إلى كونغو في سنوات التسعينات — تمنحه إسرائيل سلاحًا من عندها مقابل الصفقة المعروضة.

التضامن

لقد احتجّت الجماهير على مدى الاستهزاء، العنف الوحشيّ، والعنصرية، التي تمارسها حكومة نتنياهو. من المهمّ أن نطالب جميع منظّمات العمّال والطلبة، في وضع حدود تكون بمثابة "خطوط حمراء" لكل ما يتمّ من تصريحات أو قرارات تتّخذها المنظَّمات، وأن توضَّح النقطة في أنَّ ممارسة العنصرية، سلب الحقوق في العيش والتعليم، التهديد في تهجير الافراد، والأسر الجماعي لمجموعة فقيرة من طالبي اللجوء، هي جرائم كبيرة تمارسها حكومة فاسدة مسؤولة عن حظر الخدمات الإجتماعية وعن إلحاق الأذى في جمهور العمّال والشباب.

علينا أن نوقف عمليّات التهجير، وأن نستثمر جهودنا في الإسكان! كفى لسياسة "فرِّق تسُد"! كفى لتحريض العمّال على عمّال آخرين، وفقراءٍ على فقراء! نعم لنضالٍ موحَّد، من قِبَلِ سكّانٍ قُدامى وجُدُد، ضدّ حكومة الأموال العنصرية لنتنياهو.