أوقفوا الحرب! في مواجهة الفقدان وشلال الدماء، هناك حاجة للنضال بهدف إيجاد حل جذري دبابات في سديروت. (تصوير: أورن زيف، أكتيفستيلس) التضامن مع أولئك الذين فقدوا أحبائهم ومع الرجال والنساء من عامة الناس من جميع المجتمعات، على جانبي الجدار، الذين يواجهون ويلات الحرب ⬤ أدت الغطرسة في سياسة "إدارة الصراع" و"تطبيع" الاحتلال والحصار إلى الحرب ⬤ لنوقف مجزرة الانتقام في غزة! المطلوب هو النضال من أجل وقف التدهور وإنهاء الحصار والاحتلال والفقر، كجزء من النضال من أجل حل جذري لجولات الحرب التي لا نهاية لها، ضمن إطار تغيير اشتراكي، على أساس ضمان الحقوق المتساوية في الوجود وتقرير المصير والكرامة والرفاهية. 1,014
أزمة الحرب التي اندلعت صباح السبت (07.10)، بالهجوم المباغت من قبل حماس، لم يسبق لها مثيل ("عملية طوفان الأقصى")، وتستمر بهجوم دمويًا أكثر من جانب حكومة نتنياهو (التي أعلنت رسميًا حالة الحرب). هذه الأزمة لا تزال تنتج أحداثًا مروعة بين افراد المجتمعات المحلية على جانبي الجدار. وهذا في نطاق يزداد سوءًا بالنسبة لسكان قطاع غزة، الواقع تحت الحصار الإسرائيلي-المصري، حيث توعد نتنياهو بـ"الانتقام" الذي من شأنه أن يحول "مدينة الشر إلى مدينة تحت الانقاض". في الوقت نفسه، فإن عدد القتلى الناجم عن المذبحة التي وقعت في صفوف أكثر من ألف من السكان في البلدات في جنوب البلاد، ومن جراء إطلاق الصواريخ العشوائي، آخذ في الارتفاع، بما في ذلك في القرى البدوية والتي تفتقد إلى ملاجئ أصلًا. إمتد التصعيد العسكري إلى الحدود الإسرائيلية اللبنانية أيضًأ، مع إطلاق صواريخ من حزب الله وميليشيات أخرى وتبادل إطلاق النار مما أدى إلى سقوط عدد من القتلى في صفوف الجيش الإسرائيلي والميليشيات في لبنان كما استشهد صحفي ومدنيين على أثر القصف الاسرائيلي على جنوب لبنان. وقد تستمر الأزمة في التطور لأسابيع، بل وقد تتحول إلى حرب إقليمية. تسود الآن الصدمة والحداد والخوف بين سكان منطقة النقب والمناطق الأخرى، وليس فقط بين السكان اليهود، وفي قطاع غزة الأمر أشد ضراوة فهي، تحت القصف، بالطبع دون أي أجهزة حماية كما "القبة الحديدية" أو صافرات الإنذار أو الملاجئ. تتضامن حركة نضال اشتراكي (ISA في إسرائيل-فلسطين) مع أقارب القتلى والجرحى من عامة الناس وكافة الطوائف، على جانبي الجدار، ومع المدنيين المختطفين. تجاوزت حصيلة القتلى في النقب من مختلف الطوائف والقوميات، وفي مركز البلاد ومواقع أخرى، 1٬400 قتيل، وأكثر من 2٬200 قتيل في قطاع غزة (حسب المعطيات في يوم 14.10.23)، فيما تعمل حكومة نتنياهو على فرض العقاب الجماعي الوحشي من خلال إرهاب الدولة والمجزرة الانتقامية، بما في ذلك قصف وتدمير المباني على ساكنيها وقطع الكهرباء وحتى قطع المياه، ومنع دخول المواد الغذائية. فقد ما يقارب نصف مليون من سكان قطاع غزة منازلهم وأصبحوا نازحين داخليا. ويدع وزراء إسرائيليون بتطهير عرقي واسع النطاق، من خلال ترحيل السكان إلى صحراء سيناء عبر معبر رفح. إن اختطاف أكثر من مئة شخص من الرجال والنساء الإسرائيليين، في عملية غير مسبوقة، إلى قطاع غزة، كان يهدف من جانب حماس إلى كبح جماح الرد الناري للنظام الإسرائيلي، وأن يكون بمثابة وسيلة للمساومة من أجل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين. إن اختطاف المدنيين، بمن فيهم الأطفال والنساء المسنات، يستوجب الإدانة — فهم ليسوا المسؤولين عن السياسات الوحشية التي ينتهجها النظام الإسرائيلي في قطاع غزة تجاه الفلسطينيين. إن سياسة الأسر الجماعي، بمحاكمة عسكرية أو دون أي محاكمة، وخاصة تجاه الأطفال والسكان الفلسطينيين الذين يسعون إلى التظاهر ومعارضة الاحتلال العسكري، هي التي غذت الدافع وراء عمليات الاختطاف أصلًا. والآن فإن التدخل العسكري في محاولة لتحرير الرهائن سوف يؤدي إلى سقوط عدد كبير من القتلى. ويجب مطالبة الحكومة الإسرائيلية بالسماح بصفقة سريعة وشاملة لتبادل الأسرى في إطار ترتيبات وقف إطلاق النار. إننا ندعو للاحتجاج من اجل وقف الحرب وسياسة العقاب الجماعي وسياسة "فرق تسد"، والنضال من أجل تغيير عميق في واقع الحياة، بما في ذلك إنهاء الاحتلال والحصار. وعلى خلفية تجنيد مئات الآلاف من الجمهور الإسرائيلي إلى الاحتياط، ندعو أيضًا إلى رفض المشاركة في الهجوم الانتقامي ضد سكان غزة. إن الإضرابات الاحتجاجية ومسيرات الغضب في الضفة الغربية وفي دول المنطقة قادرة أيضًا على المساهمة في بناء النضال الضروري لتحدي الوضع الراهن من ديكتاتورية الاحتلال والحصار، مع الاستعداد للدفاع عن النفس والحفاظ على سلامة المتظاهرين والسكان الفلسطينيين. إن التصعيد العسكري في الصراع القومي لم يأت من فراغ. إن ما يسمى بحكومة اليمين الكامل بقيادة نتنياهو وبن جفير وسموتريتش عملت بكل قوة ليس فقط على إنكار المعارضة الجماهيرية لخطة "الانقلاب القضائي" التي كانت تهدف إلى تعزيز قبضتها، ولكن أيضًا على ترسيخ الاحتلال والحصار والاستيطان المفروض على ملايين الفلسطينيين. ويأتي هذا في ظل ادعاء متعجرف بأن "إدارة الصراع" تحت السيطرة وادعاء ساخر بتعزيز السلام الإقليمي من خلال عملية التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية تحت رعاية الولايات المتحدة. إن أزمة الحرب الحادة والواسعة النطاق التي بدأت الآن جاءت بعد جولتين من التصعيد العسكري منذ تشكيل الحكومة وبعد سنوات زادت فيها وتيرة جولات الصراع على أثر تفاقم الوضع المتأرجح للاحتلال والحصار. يمثل التصعيد الاستثنائي الحالي مرحلة جديدة من الاصطدام.
هجوم مفاجئ من قبل حماسحماس، التي تزعم حكومات الاحتلال الرأسمالي حتى اليوم أنها قادرة على ردعها — إذ صرح رئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي مؤخرًا أن "حماس تحت السيطرة" — اخترقت مؤقتًا حدود الحصار العسكري مع قوات شملت أكثر من ألف مسلح، بعضهم حتى عن طريق البحر وعن طريق الجو بواسطة المظلات. سيطرت القوات على معبر إيرز (بيت حانون) ومقر فرقة غزة العسكري، وصادرت آليات عسكرية وتحصنت في مركز للشرطة في مدينة سديروت. بالإضافة إلى ذلك، إلى جانب عناصر حرب العصابات ضد القوات العسكرية، سيطروا على عدد من البلدات الإسرائيلية لعدة ساعات وحتى أكثر من يوم، وفي هذه العملية، لجأوا أيضًا إلى أعمال إرهابية تتمثل في القتل العشوائي للمدنيين، بما في ذلك المجزرة بحق المشاركين في الحفلة الموسيقية، مجزرة الكيبوتسات، وكما ذكرنا، اختطاف العشرات من المدنيين. وفي غضون ساعات، حققت حماس أهدافها السياسية من هذه العملية، لكنها تمكنت، بعيداً عن استعراض القوة، بوقف مسار بين إسرائيل والنظام السعودي حاليًا. وعلى الرغم من أن هذه ليست العملية الأولى التي يشنها الجناح العسكري لحركة حماس خارج جدار قطاع غزة، إلا أنها الأكبر استعراضا للقوة العسكرية التي قامت به حماس حتى الآن، بمستوى غير مسبوق من المهارة والجرأة، والتي كانت مغلفة أيضًا باسلوب خطابي يصف العملية كخطوة تحريرية. في الساعات الأولى، استغل عدد غير قليل من سكان القطاع الكسر المؤقت للحصار لعبور الجدار والمشي، ولو للحظة واحدة، خارج أكبر سجن في العالم، مع شعور بالابتهاج. بالنسبة للجماهير في غزة وللكثير من الفلسطينيين بشكل عام، الإمكانية أن يشهدوا، ولو للحظة، اختراقًا للحصار واستعراض القوة ضد السلطة التي تسجنهم وتدوس على حياتهم وتحرمهم من استقلالهم الوطني ومن أي إمكانية للوصول إلى الأراضي التي هُجرت منها أسرهم، قد يثير في حد ذاته التعاطف مع مسلحي حماس، الذي يتم تصويرهم في هذا السياق على أنهم "قوة حامية". ومن ناحية أخرى، يستغل النظام الإسرائيلي الأضرار الجسيمة التي لحقت بالمدنيين الإسرائيليين لتعزيز الأسطورة القائلة بأن الحصار المفروض على القطاع هو سياسة "دفاعية" ولحشد المزيد من الدعم للقتل والدمار على نطاق واسع في القطاع. حتى قبل اندلاع الحرب يعيش مليونان من سكان قطاع غزة في ظروف من الفقر المدقع والضائقة، حيث يعاني 63٪ منهم من انعدام الأمن الغذائي، دون مياه نظيفة وبنية تحتية أساسية ودون حرية التنقل. يستغل النظام الإسرائيلي سياسيًا المخاوف الوجودية والأمنية بين الطبقة العاملة اليهودية، من بين أمور أخرى، لتعزيز القمع والهجمات على الفلسطينيين. وفي الوقت نفسه، خلقت الهجمات اليومية على أهل القطاع، فضلاً عن الدمار والفجيعة التي خلفها القصف الإسرائيلي على مر السنين، الفرصة السياسية لحماس لحشد مزاج الدعم اليائس من قطاعات من الجماهير الفلسطينية، حتى للأعمال الرجعية المتمثلة في الهجمات العشوائية ضد السكان المدنيين. علاوةً على ذلك، بما أن التوازن الدموي بين الضحايا الإسرائيليين والفلسطينيين غالبًا ما يكون غير متكافئ للغاية — عشرات القتلى الفلسطينيين مقابل كل قتيل إسرائيلي — فإن اللحظات النادرة التي يتم فيها تصوير توازن عددي "متساوي" إلى حد ما، قد تؤدي في حد ذاتها إلى تعزيز الدعم اليائس لحماس بسبب إمكانية ظهورها كأنها تمتلك القدرة على "تدفيع الثمن"، أو الانتقام، أو حتى بناء الردع، أو بناء القوة العسكرية القادرة على دحر الاحتلال والحصار. تدرك قيادة حماس أنها بالتأكيد غير قادرة على إلحاق الهزيمة العسكرية بأقوى قوة عسكرية في المنطقة. على مر السنين، كما هو الحال مع القوة السياسية ذات البرنامج اليميني المؤيد للرأسمالية — التي تنفذ القمع السياسي، والهجمات على العمال والفقراء في غزة، واضطهاد النساء والمثليين، والإكراه الديني — اعتمد قادة حماس على رحمة أنظمة المنطقة والقوى الإمبريالية، وحتى على ترتيبات "التعايش" مع إسرائيل. ومع ذلك، تهدف حماس إلى إنتاج تصور للنصر من خلال التحدي العسكري — على النقيض من السلطة الفلسطينية والأنظمة العربية — في نمط يشبه حزب الله، الذي أظهر في عام 2006 من جانبه حدود قوة إسرائيل الإقليمية، وهدد بالماضي بالسيطرة على بلدات إسرائيلية كما فعلت حماس الآن.
تهديدات بـ"الحل العسكري الحاسم"حكومة نتنياهو، التي زعمت أنها أثبتت قدرتها على فرض أجندتها بشكل قاطع في الصراع القومي و"ردع" أي مقاومة، انكشفت الآن بفقدان دراماتيكي للسيطرة (وإن كان جزئي) على الأحداث، وهي تحاول استعادة المبادرة لنفسها عبر الوسائل العسكرية ومع التهديد بشن هجوم طويل وبعيد المدى على القطاع — بشكل أساسي، لحماية نظام الاحتلال والحصار القائم الذي أدى إلى الأزمة الحالية أصلًا. وزير الدفاع غالانت يهدد بـ"كسر رقبة حماس"، وكان هذا، في الواقع، مشابهاً لتهديد نتنياهو في الحملة الانتخابية لعام 2009 مدعيًا بتحقيق الحسم العسكري وحتى قبل ذلك، اغتالت الحكومات الإسرائيلية قادة حماس وهاجمت قواتها. لكن بين جولات سفك الدماء و"استعادة الردع"، زادت وتطورت القدرة العسكرية النسبية لحماس، رغم محدوديتها، إلى حد اضطر النظام الإسرائيلي إلى أخذها بعين الاعتبار أكثر، مع الاعتماد بشكل افتراضي على "تفاهمات" مع حكم حماس في قطاع غزة من أجل الحفاظ على النظام القائم. إن محاولة النظام الإسرائيلي "لهزيمة حماس عسكرياً" لن تكون قادرة على القضاء على حركة حماس فحسب، بل إنها ستؤدي أيضاً إلى عواقب مزعزعة للاستقرار على نطاق واسع. إن حشد أحزاب المؤسسة الإسرائيلية من «المعارضة» الملتزمة بالدعم السياسي للسياسات والعمليات العسكرية التي تقودها عصابة نتنياهو — بن جبير في الأزمة الحالية يؤكد مسؤوليتها، بما في ذلك في إطار الحكومة السابقة، عن الأزمة الحالية. أعلن غانتس ونتنياهو تشكيل حكومة وحدة وطنية مع المجلس المصغر لإدارة الحرب (كابينيت الحرب) الذي سيضم نتنياهو، غالانت وغانتس فقط. وينسجم هذا الاتجاه مع مصلحة الطبقة الحاكمة بمحاولة الحد من النفوذ "المغامر" من جانب وزراء اليمين المتطرف في الرد على الأحداث، كما يتماشى أيضا مع الضغوط التي تصاعدت في الآونة الأخيرة من واشنطن من أجل تسهيل صفقة التطبيع. لكن نتنياهو يخشى إقالة بن جبير وسموتريتش من الحكومة، بسبب المنافسة على مصوّتين محتملين.
حمّام الدم هو نتيجة للسياسةإن مسألة "الفشل الاستخباراتي" للجيش الإسرائيلي، بعد مرور 50 عاماً على حرب عام 1973، تصرف الانتباه عن النقطة الأساسية: إن جذور الأزمة تكمن في فرض النظام القائم الذي تحكم فيه الرأسمالية الإسرائيلية، مع أقوى قوة عسكرية في المنطقة التي تفرض الاحتلال والضم وحرمان الملايين من الحقوق الأساسية، بما في ذلك حق تقرير المصير. إن الدعم السياسي المنافق الذي تقدمه الحكومات الرأسمالية من الكتلة الإمبريالية "الغربية" للعمليات العسكرية التي تقوم بها حكومة نتنياهو يوفر الآن قوة دافعة لمواصلة المجزرة في غزة ويوضح أساسًا الدفاع عن الوضع الراهن للاحتلال. بعد إرسال حاملة طائرات وسفن حربية، هددت إدارة بايدن بأن الولايات المتحدة سوف تتدخل في الحرب إذا انضم حزب الله أو النظام الإيراني إلى الحرب. وفي المقابل، وكجزء من المواجهة مع الولايات المتحدة، يحاول النظام الروسي تصوير نفسه خطابيا، بطريقة منافقة، كداعم للنضال التحرري للشعب الفلسطيني. وبالفعل، منذ فترة حكومة بينيت لابيد السابقة، كان عدد القتلى الفلسطينيين في وتيرة تصاعدية حادة وحطم الرقم القياسي المسجل منذ 20 عامًا في الضفة الغربية. لقد تم تدمير منازل الفلسطينيين في الضفة الغربية بشكل متسارع؛ واستمرت الهجمات التي تشنها الدولة والمستوطنون بهدف تهجير المجتمعات الفلسطينية، وسياساتها الممنهجة ضد العرب الفلسطينيين في الداخل الفلسطيني التي أدت إلى تفشي عصابات الاجرام، إضافةً لتزايُد الاستفزازات القومية الدينية التي تقوم بها عناصر اليمين اليهودي التي تروج لحرب دينية برعاية الدولة حول المسجد الأقصى. الأزمة الاقتصادية فاقمت ضغوطات الحياة في ظل الاحتلال. ومع ذلك، فإن حكومة نتنياهو — بن جفير اتبعت خطًا أكثر تصلبًا ضد أي تنازلات للفلسطينيين، وسعت إلى دفن أي فكرة للاستقلال الفلسطيني. بالتزامن مع تنامي الأعمال الاحتجاجية الشعبية والمواجهات المسلحة، عملت قيادات حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني، برعاية حزب الله وإيران، على تصوير نفسها على أنها أكثر فاعلية في المواجهة ضد الاحتلال مقارنة بفتح والسلطة الفلسطينية — التي تعاني من أزمة شرعية حادة بسبب دورها الفعلي كمقاول فرعي للاحتلال. في مواجهة حكومة نتنياهو الجديدة، أعلنت حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني هذا العام أنهما سيعملان كجبهة واحدة في المواجهة مع إسرائيل، على الرغم من أن قيادة حماس فضلت عدم الدخول في صراع مباشر مع إسرائيل في شهر أيار في الجولة العسكرية في قطاع غزة وفي الجولة العسكرية في تموز في الضفة الغربية. ومع ذلك، قبل أسبوعين، في 24 أيلول، أعلن قادة حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في اجتماع عقد في بيروت أنهم سيزيدون التنسيق بينهم من أجل تصعيد الإجراءات ردا على عدوان نظام الاحتلال.
الأزمة في القطاع والاحتجاجات على الجداروجاء هذا الإعلان وسط سلسلة جديدة من الاحتجاجات الفلسطينية على جدار غزة، والتي قوبلت بالقمع العسكري. يخشى النظام الإسرائيلي أن تخرج الاحتجاجات عن نطاق السيطرة. وفعلًا يشكل التطور في اتجاه النضال الجماهيري خطرًا جوهريًا على النظام أكثر من جولات المواجهة العسكرية، نظرًا إلى الإمكانات المتزايدة للحركة الجماهيرية لإثارة الأصداء والتعاطف على المستوى الإقليمي والعالمي، وحتى التأثير على العمال والشباب في المجتمع اليهودي. لكن بشكل عام، يخشى النظام الإسرائيلي من زعزعة الاستقرار وتطور المواجهات في مختلف الساحات، الأمر الذي يضغط على الرياض ضد صفقة التطبيع. في حين أبدت السلطة الفلسطينية التي تقودها فتح استعدادها للتعاون مع التطبيع الإسرائيلي السعودي، أشار ولي العهد السعودي الأمير بن سلمان إلى أنه طالما لا يوجد أي عائق في طريقه، فإن شروط التنازلات الإسرائيلية للفلسطينيين لن تفسد الصفقة. من الواضح أن هذا التلميح، إلى جانب الأزمة المتفاقمة في قطاع غزة، رغم التفاهمات الظاهرة، قد قلب الموازين أمام قيادة حماس للتدخل عسكرياً على نطاق غير مسبوق في محاولة لزيادة الضغط على إسرائيل من خلال "تغيير المعادلة". وقد تم تصميم ذلك لإثبات القدرة على فرض ثمن أعلى من خلال الوسائل العسكرية، بما في ذلك تعطيل عملية التطبيع، وفي هذه العملية خلق انطباع سياسي زائف عن خطوة إلى الأمام في النضال من أجل كسر الحصار ودحر الاحتلال.
صقل النضال والترويج للمخرجمن المهم التأكيد على أنه في مواجهة الحصار والاحتلال وفي مواجهة الغزو العسكري البري المحتمل، يحق للسكان التصدي للهجمات عليهم وتنظيم الدفاع عن أنفسهم، بما في ذلك من خلال حرب العصابات. لا بد أن العديد من الفلسطينيين كانوا سعداء برؤية التدمير الرمزي لعدد من المركبات العسكرية الإسرائيلية، مع الأخذ في الاعتبار الدمار والفجيعة والمعاناة لسنوات في قطاع غزة. ولكن هناك فرق بين هذه المقاومة — التي يمكن أن تتطور بطريقة ناجعة عندما تكون جزءا من استراتيجية بناء النضال الجماهيري المطلوب الآن، وتحت السيطرة الديمقراطية للجان العمل المنتخبة (وهو ما لا يتوافق مع البرنامج السياسي والاستراتيجي لحماس) — وإطلاق النار العشوائي وإيذاء السكان المدنيين، ولا سيما النساء والرجال العاملين والفقراء من أي مجتمع قومي. إن الهجمات العسكرية التي تشنها حماس ضد العمال والفقراء لا تعمل على تعزيز التحرر من الحصار والقمع الوطني، بل إنها تستخدم سياسياً كذريعة للمؤسسة الإسرائيلية لحشد الدعم لهجمات أكثر وحشيةً ضد الفلسطينيين الواقعين تحت الحصار والاحتلال. وكان وزير "الأمن القومي" بن غفير قد أعلن عن "حالة الطوارئ في الجبهة الداخلية"، مما يوسع من صلاحيات الشرطة في الحيز العام. وقد يُستخدم ذلك أيضًا لزيادة الاضطهاد السياسي بشكل عام، وضد الناشطين العرب الفلسطينيين بشكل خاص. وفي الخلفية، هناك نشطاء يمينيين متطرفين يسعون إلى الاستفادة من الأزمة لزيادة تأجيج الانقسام القومي وتعزيز الهجمات ضد المجتمع العربي الفلسطيني. من الضروري تنظيم نضال مجتمعي ضد محاولات اليمين المتطرف الترويج للهجمات العنصرية والاشتباكات القومية في شوارع المدن، وضد الحكومة التي تغذي هذه العناصر بشكل روتيني وتمنحهم الأمان والغطاء السياسي بشكل متزايد من خلال سياساتها. إن حقيقة أن حكومة نتنياهو واجهت حتى الأزمة الحالية حركة جماهيرية واسعة، تلمح أيضا بخلق الإمكانية، لاحقًا، لتطوّر رد فعل احتجاجي واسع النطاق سيفضي لتوجيه الانتقادات حول الإخفاقات والمسؤولية عن هذه الحرب. ومع ذلك، فإن القوى المؤيدة للمؤسسة التي تقود حركة الاحتجاج — وهي القيادة التي نصبت نفسها والتي تعمل في خدمة الرأسماليين والجنرالات الذين يستغلون النضال الجماهيري ضد "الانقلاب القضائي" لمصالحهم — قد انضمت إلى أحزاب "المعارضة" الرسمية ودعمت سياسيًا الحكومة في قصفها لسكان غزة، ودعت إلى تجميد التظاهرات. من الضروري الآن تعزيز الاحتجاجات والنضال من أجل ترسيم الاتجاه اللازم لوقف حمام الدم وحل المشاكل التي أدت إلى الحرب. بعد تجربة أحداث مايو 2021، أصبحت أعمال الاحتجاج والنضال ضرورية الآن — مثل "إضراب الكرامة" الفلسطيني في ذلك الوقت، ومظاهرات التضامن المجتمعية في أماكن العمل والمدارس، والاعتصامات الاحتجاجية، واجتماعات النقابات لاتخاذ موقف — ضد التصعيد العسكري، ضد القصف على غزة، ضد سياسة فرق تسد، ضد استمرار الحصار والاحتلال. بالنظر إلى محصلة سياسات القمع القومي وإشعال الحروب وعدم المساواة التي تروج لها الحكومات اليمينية الرأسمالية، فمن الضروري أن نضع على جدول الأعمال أفق لمخرج لحل المشاكل الجذرية، في سياق النضال من أجل التغيير الاشتراكي في المنطقة، على أساس ضمان الحقوق المتساوية في الوجود وتقرير المصير والحياة الكريمة والرفاهية. * نسخة تحتوي على تحديثات طفيفة وتعديلات تحريرية لبيان السكرتارية القطرية الذي نشر في 08.10.23 | دبابات في سديروت. (تصوير: أورن زيف، أكتيفستيلس) المقالات الأخيرة في الموقع |